الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه

ولد في مدينة سامراء سنة 1936م.

دراسته وعمله:

في حدود 1943م دخل الكتاتيب وأجاد الخط والقراءة وختم القران الكريم ودخل المدرسة الإبتدائية في سامراء عام 1947م وواصل الدراسة إلى الصف السادس الابتدائي.
ثم دخل المدرسة العلمية الإسلامية سنة 1951- 1952م, وكانت مراحل الدراسة في المدارس الدينية اثنتي عشرة سنة.

رُشح للإمامة والخطابة في جامع المرحوم رشيد دراغ في بغداد/ مدينة المنصور وباشر الوظيفة فعلاً يوم 28 شعبان: 1380هـ 14/2/1961م .

وتقدم للامتحان لإثبات الأهلية أمام المجلس العلمي تمهيداً لإصدار المرسوم الجمهوري بإعتبار أن جهة الإمامة والخطابة وظيفة الخليفة أو رئيس الدولة شرعاً, ثم صدر المرسوم في 18/9/1961م علماً بأن المباشرة الفعلية كانت في 14/2/1961م.

واستمر في هذا الجامع إماماً وخطيباً مدة عشرين سنة من 14/2/ 1961م إلى 27/2/1981م وكان المسجد أهلياً, وخلال هذه الفترة أكمل دراسته الثانوية (12سنة) والدراسة الجامعية الأولية ومرحلة الماجستير كلية الآداب /جامعة بغداد.

وفي سنة 1961م تعين مدرساً في مدرسة الشيخ صندل في الكرخ التي صارت فيما بعد المعهد الإسلامي في الكرخ وعين مديراً لذلك المعهد, ثم نقل إلى مدرسة الآصفية مدرساً, ثم نقل إلى مدرسة الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله تعالى بصفة معاون مدير المدرسة القادرية وذلك في سنة 1973م وكان المدير يومئذٍ المرحوم الشيخ كمال الدين الطائي رحمه الله تعالى.

وفي سنة 1966م صدر المرسوم الجمهوري بإعادة فتح كلية الإمام الأعظم وفي سنة 1967م بدأت الكلية تستقبل ملفات الطلاب وكان معظمهم من خريجي المدارس العلمية الدينية الذين درسوا المدة المقررة فيها (إثنتي عشرة سنة) فالتحق الموما إليه بها طالباً واُجيز دراسياً بإعتباره مدرساً في الثانويات الإسلامية.

تخرج من هذه الكلية سنة 1970- 1971م .

وفي سنة 1971م فُتحت الدراسات العليا في جامعة بغداد- كلية الآداب- قسم الدراسات الإسلامية فتقدم نحو ثمانين طالباً ممن لا تقل معدلاتهم عن تقدير جيد جداً وكان المشار إليه من بين ستة ممن قُبل فيها طالباً- مرحلة الماجستير.

وفي سنة 1974م نُوقشت رسالته لنيل درجة الماجستير وكان عنوانها (مدى حرية الزوجين في التفريق قضاءاً) بتقدير (جيد جداً) وفي نهاية العام الدراسي 1974- 1975م نُسب من المدرسة القادرية إلى كلية الإمام الأعظم للتدريس فيها.

وفي 1/3/1976م نُقل إلى ملاك الكلية المنسب إليها. والتي نُقلت من ملاك ديوان الأوقاف إلى ملاك وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وسُميت كلية الشريعة, واستمر فيها المومى إليه مدرساً إلى نهاية العام الدراسي 1983م.

وفي 20/2/1981م جاء كتاب وزارة الأوقاف: بالنظر لسفر السيد أحمد حسن الطه خارج العراق, يقوم الأستاذ الشيخ نمر الخطيب بخطبة الجمعة في جامع دراغ في المنصور! علماً بأنه لا يوجد هناك سفر, إنما ذلك إبعادٌ له عن الخطبة والإمامة في الجامع بعد فشل محاولات الإملاء عليه في خطب الجمعة.

وفي نهاية الشهر الخامس 1983م جاء الأمر من ديوان رئاسة الجمهورية بنقل الموما إليه من كلية الشريعة- جامعة بغداد إلى وزارة العمل والشؤون الإجتماعية كعقوبة نتيجة تقارير سياسية من لجنة السلامة الفكرية التي ترى أن وجوده في الجو الجامعي الطلابي يؤثر سلباً على الفكر المركزي, معللين ذلك بأن الشخص الذي لا تتحمله وزارة الأوقاف في الجامع لا تُقر الجامعة وجوده بين الطلاب .

باشر في وزارة العمل والشؤون الإجتماعية/ المركز القومي للبحوث, حيث يوجد في هذا المركز مجموعة من الأساتذة الجامعيين بمختلف الإختصاصات, غير مرغوب فيهم ويُحرمون من المخصصات الجامعية, ولا تُطبع بحوثهم ولا تُعضّد إلا إذا حُشيت بالتملق والثناء وإعلان الولاء علماً بأنه قديما قيل:-

ما كلُ من أبدى الولا لكَ مخلصاً *** بعضُ الولاءِ تملقٌ ورياءُ

وفي نهاية كانون الثاني 1985م صدر الأمر الرئاسي بنقله من وزارة العمل والشؤون الإجتماعية إلى وزارة الأوقاف وبعد صدور ذلك الأمر خُيّرَ شفهياً أين تريد؟ في وزارة الأوقاف فقال: إماماً وخطيباً في محافظة صلاح الدين, ثم فتشوا فوجدوا شاغراً, فشغل الإمامة في مسجد الشهيد علي مطر والخطابة في جامع العشرة المبشرة في سامراء.

وبعد سبع سنين صدر الأمر بتعيينه في المعهد العالي لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة (بدرجة أستاذ مساعد) حيث قد رُقّيَ في هذه الفترات من مدرس مساعد إلى مدرس ثم إلى أستاذ مساعد مع الاحتفاظ بإلقاء الخطبة في جامع العشرة المبشرة, والجدير بالذكر أنه كان طيلة هذه الفترة من عام 1961- 1995م لا يترك مهمة الوعظ والإرشاد في محافظات القطر كافة, ويغتنم فرص تجمع الناس في مجالس العزاء وفي تشييع الجنازة وفي المقبرة إلى أن تتم عملية دفن الميت, حيث إن إصغاء الناس في مثل هذه المشاهد وتدبر الكلام يختلف عنه في غيرها.

وبجهود وإلحاح عميد المعهد العالي لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة الأستاذ الدكتور المرحوم حمد عبيد الكبيسي رحمه الله تعالى أُعطي استمارة الانتماء إلى قسم الدراسات العليا في إكمال مرحلة الدكتوراه ليملأها والشروط متوفرة فيه من الخدمة وعدد البحوث المطبوعة وتقييم عمادة الكلية له فاشترك في الاختبار مع المتقدمين فكان من أوائل المقبولين, وصدر الأمر بقبوله وعُلِقَ اسمه في قائمة المقبولين وبعد بضعة أيام سُحب الاسم ورُقن قيده, فاقترح عليه الزملاء أن يذهب مع السُمَّار إلى مجلس المسئول عن القضايا الدينية يومئذٍ وبمجرد دخوله بيت هذا الرفيق وتناوله العشاء يعودُ كلُ شئٍ طبيعياً, فأبى هذه المذلة والتملق المصطنع والزيارة لغير الله عز وجل ولو حرم مواصلة الدراسة.

وفي 21/7/1995م صدر الأمر الرئاسي بإحالته على التقاعد ومنعه من مزاولة أي نشاط ديني (أي التحدث في التعازي والمقابر والأفراح).

بقي في العراق بعد تاريخ الإحالة على التقاعد سنتين ونصف تقريباً مجمداً عن كل عمل فكري أو ثقافي فسافر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في 15/12/1997م فعمل في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا/ كلية التربية الأساسية إلى أن أحتُل العراق فأنهى عقده مع الجامعة بعد أن صحح الدفاتر الإمتحانية للفصل الدراسي ذلك العام وعاد إلى بغداد.

بعد وصوله العراق صدر الأمر بإعادته بدون علمه ولا طلب منه حيث أنه متقاعد وسِنَهُ فوق الـ63عام, ويبدو أن الكلية كانت بحاجة إلى تدريسيين فباشر في كلية الإمام الأعظم مرة ثانية بدرجة (أستاذ مساعد) كما كُلِّف بإدارة المدرسة العلمية في سامراء, وبعد مضي نحو ثلاثة أشهر من عودته إلى العراق كُلِّف بإلقاء خطبة الجمعة في جامع الإمام الأعظم في بغداد بالرغم من الممانعة من قبله, لضيق وقته وكثرة ما كُلِّف به ولكن إلحاح الأصدقاء بالأخص في الأعظمية جعلته يرضخ لأرائهم.

وفي تلك الفترة صدر الأمر الديواني بقبوله طالباً في الدراسات العليا قسم الدكتوراه بغير طلبٍ منه, ولم يُطالب بالدراسة التحضيرية, وطُلب منه إختيار موضوع للكتابة فيه فاختار (التعامل التجاري مع غير المسلمين- دراسة فقهية مقارنة) وذلك في نهاية عام 2004م, وعندها بدأت الأوضاع في العراق تتدهور بالأخص من الناحية الأمنية التي سببت تدهور العملية التعليمية وغيرها, وأصبح التنقل وصولاً إلى المراجع للبحث والكتابة أمراً متعسراً فكانت كتابة الأطروحة محفوفةً بالعقبات والمخاطر أحياناً فترى الكاتب يوماً في مكتبة المدرسة العلمية في سامراء أما بغداد فقد سادها الإرهاب والخراب بفعل المحتل وأعوانه والعصابات مختلفة الانتماء غير النزيهة فمكتباتها بين محروقة وبين مسروقة أو منهوبة وبين محاصرةٍ يصعُب الوصول إليها لكثرة القتل وإنتشار القناصة بالأخص لطالب العلم أو من يلبس العمامة ويوماً في مكتبة الأسد في دمشق, ويوماً في مكتبة المنتدى الإسلامي في الشارقة, ويوماً في مكتبة الجامعة الأردنية في عمَّان وأخيراً يسر الله عز وجل فتمت كتابة الموضوع ونُوقشت الأطروحة في 14/7/2007م وأُعطيت درجة (إمتياز).

وفي صيف 2008م صدر الأمر بإحالته على التقاعد لتجاوزه السن القانونية وتم الإنفكاك في 1/10/2008م إلا أنه بقي إماماً وخطيباً في جامع الإمام الأعظم إلى الآن.

تعاقد مع كلية الإمام الأعظم للتدريس في قسمي الدراسات الأولية والعليا ولا يزال مناقشاً ومشرفاً على بعض الرسائل والأطاريح إلى الآن.

أبرز من أخذ عنهم من العلماء متأثراً بهم في سامراء:-

  1. الشيخ أحمد محمد أمين الراوي رحمه الله تعالى:

المدرس الأول في المدرسة العلمية في سامراء فقد كان رحمه الله تعالى عالماً عاملاً معتدلاً بعيداً عن أي تطرف قيادياً ينظر الناس والطلاب بالأخص نظرة أبوية بحيث كل واحد يتصور في داخله أنه المحظوظ في نظره كما أنه كان متفرغاً للعلم تفرغاً كاملاً بحيث إنه يدخل المدرسة قبل أن يصلي الفجر ليؤدي الصلاة فيها ولا يخرج منها إلا بعد صلاة العشاء ومتعلقاتها وقراءة سورة الملك وأحياناً جلسة قصيرة وقد تطول, فأنت تلاحظ أن إنساناً عالماً فقيهاً شاعراً مربياً يفرغ نفسه كل هذا الوقت بياض النهار وزُلفاً من الليل مع الطلاب والمراجعين والمستفتين همه الأول والأخير التربية والتعليم لا تلهيه عن هذا الهدف تجارة ولا بيع ولا أهل ولا استئناس بشيء آخر يستمر على هذا المنهج قرابة أربعين سنة ربما إلا أشهراً, أفلا يؤثر بالبسطاء من الناس فكيف بالعقلاء, على أنه كان حَاتَمَ زمانه في الكرم وحلاوة الحديث وعدم التكلف في شيء فلا تكاد تتصور أن أحداً لا يحبه, ويوم موته بكاه كل أحد حتى من لا دين له, والأهم من كل شيء أنه ربَّى من الدعاة أبرزهم ومن القياديين من العلماء أعلاهم همةً, ومن الأئمة والخطباء أعداداً ملئوا الشواغر في فترة تعطلت فيها المدارس في معظم العراق, عدا مدرسة سامراء ببركة جهوده وإصراره وصبره رحمه الله تعالى.

  1. الشيخ أيوب توفيق الخطيب رحمه الله تعالى :-

الذي كان من أبرز تلاميذ الشيخ أحمد الراوي رحمه الله تعالى في هذه المدرسة فقد كان رحمه الله من ألمع الطلاب ذكاءاً, ومن أبرزهم حياءاً ودهاءاً وحلماً وكرم نفس, تربى في بيت علمٍ ودين على يد أبيه في البيت أولاً منذ نعومة أظفاره حيث إن أباه الشيخ محمد توفيق الخطيب كان إماماً وخطيباً في الجامع الكبير عُرف لدى الخاص والعام بالورع والإلتزام والإنظباط فلما جاء الشيخ أيوب إلى المدرسة وتتلمذ على يد أستاذيه الشيخ أحمد الراوي والشيخ عبد الوهاب حسن البدري الذي كان ألمعي أقرانه ذكاءاً وعلماً وتواضعاً واعتدالاً في الفكر والمنهج إستفاد الشيخ أيوب منهما ما لم يستفده كثير من أقرانه حيث إنه كان مع فرط ذكائه ملازماً للشيخين في هذه المدرسة حيث كان معتكفاً في المدرسة في كل معنى الإعتكاف الشرعي حيث لا يخرج منها إلا لتناول وجبة الطعام في بيته أما بقية ساعات الليل والنهار فهو منشغل بالدراسة على مشايخه وتدريسه لمن دونه من الطلاب وقد درستُ عليه طيلة فترة بقائي في المدرسة وهي عشر سنين, حيث كان في غاية التواضع مع الطلاب مما جعل الطلاب يستفيدون منه ولا يتحرجون عنده من سؤال واستمر يدرس في المدرسة حتى أُجيز من شيوخه ولما تعين إماماً في مسجد حسن باشاً استمر يُدَرِّسُ الطلاب على نفس منهج شيخه السيَد أحمد الراوي من بعد صلاة الفجر مباشرة إلى ضحوة النهار حيث يذهب للفطور ثم يعود إلى المدرسة يدرّس بقية المراحل من الطلاب ومن بعد صلاة العصر إلى المغرب وقد أعده الشيخ أحمد الراوي ليقوم مقامه في غيابه فبدأ يبعث إليه المتخاصمين حينما يأتون إلى المدرسة لفض النزاع وفق الشرع وكما دربه الراوي على الإفتاء وحل الخلاف بين الناس فقد دربه أيضاً على مراسلة الدوائر خصوصاً الأوقاف, فكانت الكتب التي ترد إلى الشيخ الراوي يوجهه في الإجابة عنها وكذلك ما يتعلق بشؤون المدرسة والطلاب فلما توفي الشيخ عبد الوهاب البدري كان السيّد أيوب هو الذي يقوم بالتدريس مكانه حسبةً فتعين مدرساً مكانه واستمر في خدمة الدين تدريساً وإفتاءاً ووعظاً ولما توفي الشيخ أحمد الراوي حل محله بلا منازع بحيث لم يفقد المجلس إلا شخص الشيخ أحمد.

أساتذته في بغداد :-

ولما انتقلت إلى بغداد وعُينت إماماً وخطيباً في جامع رشيد دراغ بالمنصور وبترشيح من السيدأحمد الراوي حيث بعث معي رسالة وتوصيات لمن أُكمل دراستي عندهم في بغداد وهم يومئذِ:

  1. الشيخ محمد فؤاد الدين الآلوسي رحمه الله تعالى:-

وهو حفيد أبي الثناء محمد فؤاد بن شاكر بن أبي الثناء السيد محمود الآلوسي البغدادي مفتي بغداد ومصنف تفسير روح المعاني رحمهما الله تعالى, فقد كان نموذجاً نادر الوجود في علمه وصلاحه وتواضعه وعمق نظراته وفكره, درست عليه سنتين وبضعة أسابيع فكنت أشعر بمتعة لا أجد مثلها سواءاً حين يدرس الفقه أم الأصول أم النحو ويشعر الحاضر من الطلاب وغيرهم أن عباراته لا تخلو من التذكير بالله عز وجل وحين يتعرض إلى تعليل ربط الآيات القرآنية ببعضها تراه يتدرج في رقي المقامات مما يحس به ويتذوقه الطالب المتأمل وهو رحمه الله تعالى من المعروفين عند مجالسيه وتلاميذه أنه من أهل الصلاح والكرامات التي لا تنكر, نقي الإعتقاد, معتدل الفكر, رقيق القلب خصوصاً مع العصاة حيث يقول: لم يذوقوا حلاوة الطاعة بعد, فندعوا الله لهم, كان رحمه الله تعالى يحضر المدرسة في الصباح الباكر قبل دوام الدوائر ويبقى يدرس إلى أذان الظهر وذلك في جامع مرجان (المدرسة المرجانية) وبعد العصر يدرس في مدرسة السيد سلطان علي إلى أذان المغرب رحمه الله رحمة واسعة.

وقد كان مجلس درسه يضم صنوفاً من المثقفين بين كبار ضباط الجيش وكبار الموظفين من حقوقيين وغيرهم ونماذج من التجار كما كانت حلقة درسه لا تخلو من الطلاب الأتراك إلا نادراً لما يرون فيه من نفس صوفي وسلفي ومحدث وفقيه في آن واحد. وكان يدلل على أن لا خلاف بين هذه المشارب والمدارس وإن وجد الخلاف فذاك نتيجة الجهل أو الهوى.

  1. الحاج نجم الدين الواعظ رحمه الله تعالى :

الذي كان يدرس في مدرسة نايلة خاتون يأتي صباحاً ويدرس فيها إلى الظهر وكان رحمه الله تعالى لين العريكة وصافي الإعتقاد معتدلاً في أفكاره محبباً عند العوام وكان أهل الكرخ وكثير من أحياء بغداد يطلقون عليه مفتي الديار العراقية علماً بأن وظيفة الإفتاء ملغاة, بسبب أنه يقيم في المساجد المطروقة لكثرة المستفتين وبسبب أنه كان من أبرز كبار العلماء الذين لم ينقطعوا عن الريف للوعظ والإرشاد إلا بعد شيخوخته وقد درست عليه نحو ثلاث سنين رحمه الله رحمة واسعة.

  1. الشيخ عبد القادر عبد الرزاق الخطيب رحمه الله تعالى :-

كان رحمه الله تعالى نموذجاً قليل المثال في تدينه وصمته عما لا يعنيه, فإذا استدعى المقام الكلام تكلم بما يعتقده مما يرضي الله تعالى, كان رحمه الله تعالى مثالاً للورع خصوصاً في خطبة الجمعة فقد اعتلى منبر جامع الإمام أبي حنيفة قرابة إثنتين وأربعين سنة ولم يؤثر عنه أنه حابى أحداً أو أسخط الله بكلمة أو مدح من يعرف عنه سوءاً أو خطأ في الحكم .
كان رحمه الله تعالى يُدَرّس في مدرسة منورة خاتون في الميدان, درست عليه فيها أصل مختصر المعاني في البلاغة وشيئاً من الفقه وكان رحمه الله تعالى متمكناً في علوم العربية كما هو في الفقه وكان متأثراً بشيخه الشيخ أمجد الزهاوي رحمهما الله تعالى في صمته عما لا يعنيه وعدم السماح في الحديث فيما لا يرضي الله في مجلسه .

  1. الشيخ أمجد محمد سعيد الزهاوي رحمه الله تعالى :-

وممن تشرفت بالدراسة عليه شيخنا الجليل وأستاذ الجيل الفقيه الأصولي القانوني الورع, شيخ قضاة التمييز في العراق, كبير الدعاة وحامل هموم الأمة المتحدث في معظم المحافل الدولية الإسلامية رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

درست عليه بعد ذهابي إلى بغداد بنحو سنة ونصف بسبب أنه كان في هذه الفترة خارج العراق فلما عاد بدأت الدراسة عنده مع مجموعة إخوتي: د.هاشم جميل عبد الله, د. حارث سليمان الضاري ود. عبد الله محمد الجبوري والمرحوم أخيه جاسم محمد الجبوري وآخرين. وقد درسنا عليه نحو أربع سنوات علماً بأني لم أفارقه, حيث إنه رحمه الله رشحني بعد وفاة الشيخ محمد فؤاد الآلوسي لأن أحل محله (عضو الهيئة الإدارية لجمعية رابطة العلماء) فبقيت على صلة به في الجمعية مما يتطلب عقد الإجتماع واللقاءات إلى أن توفاه الله تعالى, عليه رحمة الله تعالى ورضوانه.

  1. الشيخ عبد الكريم محمد المدرس (بيارة) رحمه الله تعالى :-

فقد كان رحمه الله تعالى من أجلاء العلماء متمكناً في علمه متفانياً في تدريسه دؤوباً على التدريس والكتابة, فكان هو الآخر يسكن المدرسة في معظم أيامه يبيت فيها ويبدأ التدريس من بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر من غير ملل ولا فتور, ويدرس من العلوم النقلية والعقلية ما تتطلبه حاجة التلميذ وقد درسنا عليه نبذة من المنطق وأصول الفقه وغيرها من العلوم مدةً تزيد على ثلاث سنين مع أني كنت على صلة وثيقة به وكثرة لقاء بسبب كونه نائب رئيس جمعية رابطة العلماء فجزاه الله خير الجزاء.

  1. الشيخ عبد الكريم حمادي الدبان التكريتي رحمه الله تعالى :-

وممن تشرفت به وسُعدت واستفدت بالدراسة عليه هو الشيخ الدبان رحمه الله تعالى الذي عرفته في نهاية السبعينيات وكان كنزاً مطمورا, وعالماً متمكناً في مختلف العلوم والفنون إلا إنه كان بتواضعه مغمورا, عرفَهُ بي المرحوم الأستاذ عبد الوهاب عبد الرزاق السامرائي في جمعية التربية الإسلامية, أما أنا فأعرفه بذكر الشيخ أيوب له بأنه كان من قدماء طلاب مدرسة سامراء العلمية وكان يقول عنه أنه يأخذ المجلد عشاءاً فيأتيك صباحاً بمحتواه ويعطي عنه صورة كاملة بأدق أسلوب لفرط ذكائه .

إلتمسته أن أدرس عليه فلبَّى طلبي وقال: أنا مدينٌ لسامراء ومدرستها, وتفضل عليَّ بأن يحضر في مسجد مدرسة التربية الإسلامية لآخذ الدرس عليه علماً بأنه يسكن في دار إبنه قرب قناة الجيش أقصى بغداد شرقاً, وكنت أسكن في منطقة المنصور أقصى بغداد تقريباً غرباً, فقال لي رحمه الله تعالى: يصعب عليك المجيء إلى منطقة القناة فنقتسم المسافة وندرس في الكرخ في مسجد التربية الإسلامية ويومها, كانت كلية الإمام الأعظم إنتقلت إلى بناية التربية الإسلامية في الكرخ بسبب نقض بنائها وإعادته في الأعظمية. فكان يأتي مسجد التربية الإسلامية قبلي بعد صلاة الفجر ولا أتذكر أني سبقته إلى المجيء يوماً من الأيام, فكنت أحضر في نحو الساعة السابعة صباحاً وأستمر بالدراسة إلى بدء الدوام في الثامنة والنصف حيث كنت يومئذٍ أُدرسُ في الكلية في نفس البناية ودرست عليه من العلوم: شرح جمع الجوامع للمحلي في أصول الفقه, وشيئاً من شرح العقيدة النسفية للتفتازاني وشرح العضدية في علم الكلام, وكنت بين يوم وآخر آتيه بأسئلة مما يُشكل عليَّ, أو يقوى فيه الخلاف من المسائل لأسمع رأيه فيها فعرفت أن الرجل يحمل عقلاً نيراً وكأنه ينظر إلى المستقبل عشرات السنين, ولا يخطر على البال أن شيخاً يقترب من التسعين بهذه المرونة وسعة العقل والإطلاع على مذاهب العلماء في أصول الدين وفروعه وقواعد العربية ومختلف فنونها ومعرفة ما يستجد من النظريات والآراء ويعرض في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة, حيث إنه يجيد اللغة الإنكليزية إجادة كاملة ويتحدثها بطلاقة متمكنٌ في شتى الفنون وقلَّ أن تجد علماً إلا وله فيه مؤلَف من الأصول وقواعد النحو والصرف وعلم الكلام والمنطق والجرح والتعديل والعروض حيث أنه كان شاعراً مُجِيداً, ويوماً ما كررت الإلحاح عليه في أن يجيب على أسئلة مجلة التربية الإسلامية- وكان لا يحب أن يطبع بإسمه كتاب أو مقال- فوافق فكانت إجاباتهٍ في مجلة التربية الإسلامية موضع إعجاب المثقفين في مختلف العلوم, وذات يوم من الأيام قدَّم لي بيده الشريفة ملزمة صغيرة فلما فتحتها فإذا بها (الإجازة العلمية الشرعية) ذكر فيها إجازة مشائخه له بالأسانيد المتصلة إلى الصحابي عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وختمها بقوله رحمه الله تعالى :-

أجزت لأحمدَ الحسنِ بنِ طه *** وقد بانتْ جدارتُهُ لَدَياّ
وأدعو أن يكونَ على سدادٍ *** ويبقى مخلصاً ورعاً تقياً
وأطلبُ راجياً منه دعاءً إذا *** ما صرتُ في قبري جِثِيا

  1. كما استفدت من أجلاء درست عليهم الدراسات الأكاديمية في كلية الإمام الأعظم وكلية الآداب-جامعة بغداد قسم الماجستير كثيرين كالشيخ الأستاذ عبد الكريم زيدان
    ود. أحمد ناجي القيسي ومشائخ أزهريين في كليتنا كالشيخ يوسف عبد الرازق والشيخ أحمد أبو سُنة, وشيخ شمس الدين عبد الباسط وزملائهم رحمهم الله تعالى.

الآثار العلمية :-

  1. مدى حرية الزوجين في التفريق قضاءاً (رسالة الماجستير). مطبوع
  2. أحكام الأسير والمفقود في الفقه والقانون والقضاء العراقي. مطبوع
  3. إختلاف الدين بإعتباره مانعاً من الميراث. مطبوع
  4. الخلع في الشريعة الإسلامية. مطبوع
  5. نظرة الشريعة الإسلامية إلى المغالاة في المهور. مطبوع
  6. الزواج صيانة للمرأة وضمان لحقوقها وسعادتها. مطبوع
  7. إحياء الموات في الفقه الإسلامي وأثاره في التنمية والإقتصاد. مُعَدْ للطباعة
  8. التعامل التجاري مع غير المسلمين- دراسة فقهية مقارنة-)رسالة دكتوراه). مُعَدْ للطباعة
  9. الوصية وأثارها في المجتمع. مُعَدْ للطباع

شارك في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية وفي العديد من المؤتمرات والندوات داخل القطر وخارجه وشارك في وضع المناهج الدراسية للمرحلتين المتوسطة والثانوية
ولا زال يلقي المحاضرات في قسمي الكلية العليا والأولية وحلقات العلم في جامع الإمام الأعظم.

الأعمال والمهام التي قام بها :-

  1. عضو المجلس العلمي في وزارة الأوقاف من 1975-1979م.
  2. عضو الهيئة الإدارية لجمعية رابطة العلماء من 1963- 1979م.
  3. نائب رئيس الجمعية الخيرية في سامراء.
  4. رئيس المجلس العلمي في ديوان الوقف السني الأسبق.
  5. أستاذ مشارك في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا في الإمارات العربية المتحدة من 1999- 2003.
  6. عضو الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق وعضو لجنة الفتوى فيها.
  7. كُلف بإدارة مدرسة الإمام علي الهادي الدينية في سامراء.
  8. رئيس قسم الفقه وأصوله في كلية الإمام الأعظم / فرع سامراء منذ تأسيسه إلى 2008.