الاحتفال بعيد الحب

السؤال

ما حكم الاحتفال بعيد الحب ولبس اللون الأحمر والتهادي في هذا اليوم؟

نص الجواب

أصل ما يسمّى عيد الحب أو (الفالنتاين) روماني جاهلي، استمر الاحتفال به حتى بعد دخول الرومان في النصرانية، وارتبط العيد بالقس المعروف باسم فالنتاين في القرن الثالث الميلادي، وفي تلك الفترة كان حكم الإمبراطورية الرومانية لكلايديس الثاني الذي قام بتحريم الزواج على جنوده، بحجة أن الزواج يربطهم بعائلاتهم فيشغلهم ذلك عن خوض الحروب وعن القتال، فقام فالنتاين بالتصدي لهذا الأمر، وكان يقوم بتحرير عقود الزواج سراً، ولكن افتضح أمره وقبض عليه، وحكم عليه بالإعدام، وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان، وقد نفذ فيه حكم الإعدام في 14 شباط- فبراير عام 270م، ومن هذا اليوم أطلق عليه لقب قديس وكان قسيساً قبل ذلك، لأنهم يزعمون أنه فدى النصرانية بروحه وقام برعاية المحبين, ويقوم الشبان والشابات في هذا اليوم بتبادل الورد، ورسائل الحب، وبطاقات المعايدة، وغير ذلك مما يعد مظهراً من مظاهر الاحتفال بهذا اليوم.

وأهل الغرب يجعلون من هذا العيد مناسبة نادرة لممارسة الجنس على أوسع نطاق، ويشيعون فيه الفاحشة والمنكر والعياذ بالله.

ومع الأسف انتقل هذا إلى بعض المسلمين، فأخذوا يحتفلون به جهلاً منهم بحقيقته، فإن الاحتفال بيوم عيد الحب والاحتفاء به واتخاذه مناسبة لتبادل الحب والغرام وإهداء الهدايا الخاصة فيه، والتهنئة به، وكل ذلك بدعة ليس له أصل في الشرع، وفاعله آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، لما فيه من الدعوة إلى العشق والغرام والحب المحرم، واشتغال القلب بما يضعف إيمانه ويقوي داعي الشهوة فيه، وإشاعة الفاحشة والرذيلة وإقامة العلاقات غير الشرعية بين أبناء المسلمين من خلال الحفلات المختلطة والبرامج والسهرات المشبوهة.

ويَحرُم إنفاق المال في سبيل ذلك، ولا يجوز لمسلم المشاركة أو إجابة الدعوة، ويحرُم على الأسواق بيع الأدوات التي تستخدم في ذلك، فلا يجوز الاحتفال بهذا العيد ولا  بشيء من أعياد الكفار؛ لأن العيد من جملة الشرع الذي يجب التقيد فيه بالنص.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: [الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله سبحانه عنها: ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا))، وقال: ((لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه))، كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد، وبين مشاركتهم في سائر المناهج؛ فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة].

وقد دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما: عيد الفطر وعيد الأضحى, وما عداهما من الأعياد سواء فهي أعياد مبتدعة, لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها, ولا إظهار الفرح بها, ولا الإعانة عليها بشيء, لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى, ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه، فعن أنس (رضي الله عنه) قال: قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر)) رواه وأبو داود وأحمد، وصححه الشيخ الألباني.

وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار؛ فهذا إثم إلى إثم, لأن في ذلك تشبهاً بهم, ونوع موالاة لهم، وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز, وثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من تشبّه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود وأحمد وصححه الشيخ الألباني.

فيجب على شباب المسلمين وفتياتهم أن يتقوا الله تعالى ويلتزموا بشرعه ويتركوا هذه البدعة والاحتفالات السيئة، وعليهم الاعتصام بالكتاب والُسنّة في جميع أحوالهم، لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد، وأن يحذروا من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين, الذين لا يرجون لله وقاراً.

فعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته، والثبات عليها، فإنه لا هادي إلا الله تعالى، ولا عاصم من مضلات الهوى إلا هو سبحانه، والله تعالى أعلم.