حكم التعاقد عبر الشبكات العنكبوتية
السؤال
نص الجواب
هذا الجواب من شقين:
الأول: في حكم إجراء عقد الزواج بواسطة الشبكة العنكبوتية؛ فإذا أرسل الخاطب رسالة عبر الشبكة العنكبوتية إلى مخطوبته واستلمتها بمحضر الشهود وقرأتها وأعلنت الموافقة فهذا الزواج منعقد، ومجلس العقد هو المجلس الذي صدر من المخطوبة أو وليها القبول بعد قراءة إيجاب الخاطب، لأن الكتابة والخطاب سواء لا يختلفان إلا في مسألة واحدة وهي (أنه لو كان حاضرا فخاطبها بالنكاح فلم تجب في مجلس الخطاب ثم أجابت في مجلس آخر فإن النكاح لا يصح، وفي الكتاب إذا بلغها وقرأت الكتاب ولم تزوج نفسها منه في المجلس الذي قرأت الكتاب فيه ثم زوجت نفسها في مجلس آخر بين يدي الشهود وقد سمعوا كلامها وما في الكتاب يصح النكاح لأن الغائب إنما صار خاطبا لها بالكتاب والكتاب باق في المجلس الثاني فصار بقاء الكتاب في مجلسه وقد سمع الشهود ما فيه في المجلس الثاني فصار بمنزلة ما لو تكرر الخطاب من الحاضر في مجلس آخر فأما إذا كان حاضرا لها فإنما صار خاطبا بالكلام وما وجد من الكلام لا يبقى إلى المجلس الثاني)([1]).
فقول الخاطب: تزوجتك بكذا إذا لم يوجد قبول يكون مجرد خطبة منه لها فإذا قبلت في مجلس آخر لا يصح، أما لو كتب ذلك إليها فإنها لما قرأت الكتاب وفيه قوله: تزوجتك بكذا وقبلت عند الشهود صح العقد كما لو خاطبها به.
أما إذا كان العقد عن طريق التحادث بالهاتف أو بالصوت والصورة عبر الهواتف الذكية وأنظمتها المتطورة فتلفظ الخاطب بالإيجاب وتلفظت المخطوبة أو وكيلها بالقبول وسماع كل منهما الآخر وسماع الشاهدين لهما، فهذا عقد قد توافرت فيه شروط عقد الزواج وأركانه من:
– تلفظ بالإيجاب والقبول.
– سماع كل من العاقدين للآخر في المجلس نفسه ومعرفته به.
– وجود الولي.
– وجود الشهود الذين يسمعون الإيجاب والقبول؛ وقد يريان المتعاقدين عبر الهاتف أو الشبكة.
فيكون العقد صحيحًا، ومع هذا يبقى العقد موقوفًا إلى حين اللقاء الحي لاحتمال وجود خداع من أحد الطرفين أو وجود غرر لم يظهر واضحا من خلال أجهزة التواصل الحديثة.
الثاني: حكم إجراء عقود البيع والشراء عبر الشبكة العنكبوتية؛ فلا يوجد فرق في التعاقد عبر الوسائل الإلكترونية والكتابة العادية فالتعاقد كتابةً جائز بين الغائبين.
والعقد ينعقد إذا كان كلامًا بالإيجاب والقبول، فإذا سمع العاقد كلام صاحبه وقال قبلت تم العقد.
والجادون في توثيق هذه العقود يملكون ثوثيقها وإرسال صورها بوسائل التوثيق الحديثة بما لا يترك مجالا للخصومة، فهما يملكون أن يتبادلوا نُسخ عقد مكتوب مؤرخ بالشهر واليوم والساعة والدقيقة فيتبادلان التوقيع ووضع أختامهما عليه وغير ذلك من وسائل التوثيق.
([1]) حاشية ابن عابدين 4/513.