الحمد لله

أولا

نهنئك أخي الكريم على هذا الاهتمام؛ فلا شك أن الاشتغال بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم من فضائل العلوم ومن خير ما يشغل به المسلم وقته؛ لأن بها يزداد تعلق قلب المسلم بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم والذي هو علامة للإيمان والصدق فيه

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) رواه البخاري (15) ، ومسلم (44)

كما أن هذه المحبة تولّد المداومة على التأسي والاقتداء به صلى الله عليه وسلم الذي أمر الله تعالى به

قال الله تعالى:( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب/21.

ثانيا

المؤلفات في وقائع السيرة النبوية كثيرة بحمد الله تعالى، واهتمام أهل العلم بوقائع السيرة النبوية على نهجين

النهج الأول

الاهتمام بضبط الوقائع والأحداث من مولده صلى الله عليه وسلم إلى يوم وفاته

وأشهر كتاب متداول عند أهل العلم في هذا الباب هو كتاب “سيرة ابن هشام” وهي اختصار لـ “سيرة ابن إسحاق”  وكتاب ابن هشام مطبوع سهل الحصول عليه، وقد خدم هذا الكتاب بخدمتين هامتين

الخدمة الأولى: اختصاره، فمؤلفها استطرد كثيرا في ذكر أخبار وأشعار تبعد القارئ عن لب السيرة، فقام الأستاذ عبد السلام هارون باختصاره في كتابه “تهذيب سيرة ابن هشام”

وتجده في كتاب صوتي بقراءة حمد الدريهم على هذا الرابط

http://www.alukah.net/audio_books/0/15811/

كما اختصره أيضا الدكتور أحمد بن عثمان المزيد في كتابه “مختصر السيرة النبوية”.

الخدمة الثانية: شرحه ، فقام أبو القاسم السهيلي رحمه الله تعالى بشرحه والتعليق عليه في كتابه المشهور “الروض الأنف”.

لكن هذا الكتاب وغيره من كتب السيرة المتقدمة غاب عنها تحرير الصحيح من الضعيف الوارد فيها، وقد انتبه أهل العلم لهذا فظهر في المتقدمين من حاول تحرير هذه الأخبار، كما في كتاب “السيرة النبوية” للحافظ ابن كثير والمضمنة في كتابه “البداية والنهاية” وهو كتاب قيّم للغاية، لكن قد يستصعبه من ليس من أهل الاختصاص لاسترساله في تحرير الأخبار وسياق الأسانيد وتفصيل ذلك.

كما اشتهر كتاب “شرح الزرقاني على كتاب المواهب اللدنية للقسطلاني” فقد اعتنى صاحبه بتحريره، لكن هذا الكتاب قد يستصعبه المستجد في هذا العلم لطوله فهو مطبوع في 12 مجلدا.

وقد ظهر في المعاصرين من اجتهد في تحرير وقائع السيرة والاقتصار على الصحيح منها؛ وهناك عدة كتب مفيدة في هذا الباب؛ نذكر منها:

“السيرة النبوية الصحيحة” للدكتور أكرم ضياء العمري.

“السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة” للكاتب محمد الصوياني ويمتاز بأسلوب أدبي شيق، مع تثبت واعتناء بالروايات التي يوردها.

“صحيح السيرة النبوية” للشيخ إبراهيم العلي رحمه الله تعالى.

“السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية” للدكتور مهدي رزق الله.

ومن أوسع وأمتع كتب السيرة النبوية للمعاصرين: كتاب ” اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون” للشيخ موسى بن راشد العازمي، وفقه الله. وسوف يمتعك جمعه، وسهولته، وحسن ترتيبه، وقرب مأخذه، إن شاء الله. فننصحك أن يكون لك به عناية خاصة.

ويمكنك مطالعته على هذا الرابط، إن لم يتيسر لك مطبوعا :

https://waqfeya.com/book.php?bid=9664

وأما الدروس المسموعة والمرئية فهناك جملة من السلاسل النافعة؛ نذكر منها:

“كنوز من السيرة النبوية” للشيخ عثمان الخميس، وتجدها على هذا الرابط:

https://ar.islamway.net/collection/1749

“مادة السيرة النبوية” من أكاديمية زاد، وهي دروس مرئية، تجدها على الرابط:

https://ar.islamway.net/collection/15816

سلسلة في “ظلال السيرة النبوية”، وهي سلسلة إذاعية ممتعة، بأداء الرائع الأستاذ حمد الدريهم، رحمه الله، ويمكنك استماعها على هذا الرابط:

https://soundcloud.com/zadtalb3lm/sets/rqhnllxkvzbp

والنصيحة لمن كان جديد عهد بهذا العلم؛ أن يستمع لهذه السلسلة، ويستفيد منها، ثم يطالع كتابا مختصرا ، مثل كتاب : “الرحيق المختوم” ، للشيخ صفي الرحمن المباركفوري، رحمه الله.

ثم ينتقل إلى الاهتمام بأحد الكتب التي حاولت التركيز على الآثار الصحيحة مع شيء من التوسع، ككتاب “السيرة النبوية الصحيحة” للدكتور أكرم ضياء العمري، ثم كتاب” اللؤلؤ المكنون” ، ثم كتاب “السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية” للدكتور مهدي رزق الله، ثم بعد ذلك يتوسع في مطالعة ودراسة الكتب الموسعة في هذا العلم كـ “شرح الزرقاني على المواهب اللدنية”، والسيرة النبوية لابن كثير، وسيرة ابن هشام مع شرحها “الروض الأنف” للسهيلي وغير ذلك من الكتب.

النهج الثاني: المؤلفات التي اهتمت باستخراج الفوائد الفقهية والدعوية والتربوية من أحداث السيرة وهي التي يطلق عليها مصطلح “كتب فقه السيرة”.

وقد ألف في هذا الجانب عدة مؤلفات جلّها في هذا العصر، ومن أقدم هذه الكتب وأنفعها هو كتاب “زاد المعاد” لابن القيم رحمه الله تعالى، فإن كان للمسلم سعة في الوقت والنشاط فيحسن به مطالعة هذا الكتاب؛ وإلا فهناك كتب أخرى ولا يغني أحدها عن الآخر؛ لأن باب الاستنباط واسع ومفتوح، وقد يفتح لمؤلف من الفقه والمعاني ما يفوت الآخرين؛ ونذكر من هذه الكتب:

“فقه السيرة” للدكتور زيد بن عبد الكريم الزيد.

كما يستحسن أن تستمع لسلسلة الشيخ وليد بن عثمان الرشودي بعنوان “المدخل لعلم السيرة النبوية” وتجدها على هذا الرابط:

https://ar.islamway.net/collection/4813

والله أعلم.