الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على النبي الامين واله وصحبه اجمعين.
وبعد :
فالتداوي بين الرجل والمرأة تنتظمه احكام فقهية متنوعة ، هذا بيانها على الايجاز ، من خلال المقدمات الاتية :
المقدمة الأولى : معني التداوي
التداوي لغة: مصدر تداوى،أي تناول الدواء. وهو مأخوذ من داواه مداواة: عالجه ، وجمع الدواء أدوية، وهو: اسم لما استعمل بقصد إزالة المرض والألم” ، ويطلق على المرض الداء.
والتداوي لا يخرج في استعمال الفقهاء عن المعنى اللغوي له. فهو: “ما يكون به شفاء المرض بإذن الله من عقار (طبي)، أو رقية، أو علاج طبيعي: كالتدليك ونحوه”
وهو عند أهل العصر : شامل لكل من يتعامل مع جسم الانسان لازالة علة به من أشعة وجراحة وتوليد وحقن وأدوية وإسعافات وكشف وتحيل وتمريض ونحوها 0
المقدمة الثانية : حكم التداوي عموما
اتفق فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على مشروعية التداوي[1] ، واستدلوا لذلك بما يلي:
1- روى الإمام مسلم – بسنده – عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل” ، فالحديث فيه إشارة إلى مشروعية التداوي، لأن الأشياء تداوى بأضدادها، فإذا لاقى الدواء الداء برئ بإذن الله تعالى المريض. لكن قد يدق المرض، وتغمض حقيقته، وقد تغمض حقيقة طبع الدواء فيتأخر البرء
2- وما روى الترمذي -بسنده- عن أسامة بن شريك قال: “قالت الأعراب : يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، أو قال: دواء- إلا داءً واحداً. قالوا يا رسول الله وما هو؟، قال: الهرم” فالحديث يدل على أن التداوي مباح غير مكروه، وقد سمى الهرم داء، لأنه جالب للتلف: كالأدواء التي يتعقبها الموت والهلاك 0
3- ما روى أبو داود بسنده- عن أبى الدرداء قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء فتداووا، ولا تتداووا بمحرم” ،فالحديث يدل على جواز التداوي، لأن إنزال الدواء من الله تعالى أمارة على ذلك 0
المقدمة الثالثة : مداواة الرجل المرأة وعكسه
وقد اتفق الفقهاء على جوازه بضوابط سيأتي بيانها ، ومما يدل على مشروعيته :
1-روى الامام مسلم أن أمَّ سلمة استأذنت رسول الله في الحجامة فأمر النبي أبا طَيبة فحجمها 0
دلَّ الحديث على جواز تطبيب الرجل المرأة لأن الحجامة نوع من التداوي ، وفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم دليل على مشروعية تداوي المرأة عند الرجل إن وجدت الحاجة إلى ذلك0
2-وروى الامام البخاري عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ قالت : كنا مع النبي نَسقي ونداوي الجرحى ونردُّ القتلى إلى المدينة 0
وفي صحيح مسلم عن أم عطية الأنصارية قالت : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أَخلُفُهم في رحالهم فأصنع لهم الطعامَ وأُداوي الجرحى 000الحديث0
أفاد الحديثان جواز مداواة المرأة الأجنبية للرجل الأجنبي عند الضرورة ، إذ كانت أم عطية تقوم بدور الطبيب في معالجة المرضى في أرض المعركة ، وكذلك الرُّبَيِّع في التمريض برد الجرحى إلى المدينة 0
المقدمة الرابعة : ضوابطه
وقد اشترط الفقهاء لقيام الرجل بمداواة المرأة أو معالجتها مايلي من شروط:
1- أن لاتوجد امرأة يمكنها القيام بمداواتها او معالجتها، او نحو ذلك من الأعمال الطبية، أو وجدت ولكنها لاتحسن القيام بذلك·
وقال بعض الحنفية: ينبغي أن يعلم الطبيب امرأة كيفية مداواة المريضة، لأن نظر الجنس إلى الجنس أسهل وأخف، إلا أن بعض فقهائهم قال: إن محل تعليم المرأة كيفية مداواة المريضة إذا كان المرض في موضع الفرج، وأما إذا كان في غير هذا من مواضع بدنها، فإنه يجوز له مداواتها والنظر إلى موضع المرض ومسه من بدنها، وإذا كان المرض في موضع الفرج، وخيف عليها الهلاك أو الإصابة بألم لا تحتمله، ولم توجد امرأة يمكن تعليمها كيفية مداوة هذه المرأة، فاللرجل أن يستر عنه كل شيء إلا موضع العلة، ثم يداويها ويغض بصره ما استطاع إلا عن موضع الألم·
فإن لم يجد لعلاج المرأة إلا كافرة ورجلا مسلما فالظاهر من مذهب الشافعية أن الكافرة تُقدُّم، لأن نظرها ومسها أخف من الرجل، وقد رتب البلقيني الشافعي من يتولون مداواة المرأة ومعالجتها، فقال: يعتبر وجود امرأة مسلمة تتولى ذلك منها، فإن تعذرت فصبي مسلم غير مراهق فإن تعذر فصبي مسلم مراهق، فإن تعذر فصبي كافر غير مراهق، فإن تعذر فصبي كافر مراهق، فإن تعذر فامرأة كافرة، فإن تعذرت فمحرم المريضة المسلم، فإن تعذر فمحرمها الكافر، فإن تعذر فأجنبي مسلم، فإن تعذر فأجنبي كافر، وقد وافقه الأذرعي الشافعي على تقديم الكافرة على المسلم، وقال في تقديمه للكافرة على المحرم المسلم والكافر نظر، والأوجه عند الأصحاب تقديم المحرم على الكافرة، لأنه يحل له أن ينظر من محرمه مالا تنظره الكافرة منها ويقدم الممسوح على المراهق، والأمهر من الأطباء على غيره، ولو كان الأمهر من غير جنس المريضة ودينها: كالرجل الكافر، حتى إنه ليقدم على المسلمة والمسلم إن كان أمهر منهما أو أعرف بمرض المرأة، وكيفية مداوتها منهما، ووجود من لا يرضى إلا بأكثر من أجره مثلها عند معالجة امرأة مثلها كانت كالعدم، وقدم عليها في معالجة المرأة ومداواتها من يرضى بأجره المثل أو أقل منه، ولو كان من غير جنس المرأة ودينها، بل لو وجد كافر يرضي من دون أجرة المثل ومسلم لا يرضى إلا بأجرة المثل، فالمعتمد في مذهب الشافعية أن المسلم يكون كالعدم أيضا 0
2- أن يخشى على المرأة الهلاك أو حدوث البلاء أو الألم الذي لا تحتمله إن لم تعالج وفقا لما ذهب إليه بعض الحنفية، ومذهب الشافعية أنه يعتبر في نظر الطبيب إلى الوجه والكف ومسهما من المريضة الأجنبية عنه أدنى الحاجة، وفي غيرهما عدا السوأتين من بدنها تأكد الحاجة، بأن يكون المرض الذي أصابها شديدا، أو كان بها ألم لا تحتمله، وإن لم تصل شدة المرض أو الألم إلى الهلاك، أو تلف عضو من أعضائها أو فوات منفعته، ويعتبر في النظر إلى السوأتين ومسِّهما زيادة تأكيد الحاجة، بأن تكون ثمة ضرورة شديدة إلى مداواتها ومعالجتها في هذين الموضعين، وعبارات المالكية والحنابلية تفيد جواز نظر الطبيب إلى أي موضع من بدن المريضة الأجنبية عنه ومسه، لمجرد وجود الحاجة المقتضية لذلك، وإن لم يخش على المرأة الهلاك، أو حدوث الضرر أو الألم الذي لا تحتمله إن لم تعالج 0
3- أن لا يكون الطبيب ذمياً مع وجود الطبيب المسلم الذي يمكنه مداواة ومعالجة المسلمة، ويرى الشافعية أن الذمي إن كان أمهر من المسلم في مداواتها قدم عليه، وإذا وجد مسلم لا يرضى إلا بأكثر من أجرة المثل وكافر يرضى بها، قدم على المسلم في مداوة المسلمة، والمعتمد في المذهب أن المسلم لو كان يرضى بأجرة المثل ورضى الكافر بأقل منها، اعتبر المسلم كالعدم في مداواة هذه المرأة، ويتولى الكافر مداواتها في الحالين، ومنع ابن الحاج المالكي من استطباب الذمي مع وجود المسلم، وقال: بجواز استطباب غير المسلم عند الضرورة، وتتحقق الضرورة إذا لم يوجد طبيب مسلم يمكنه القيام بعمله 0
وقال ابن تيمية : إذا كان الذمي خبيرا بالطب ثقة عند الإنسان جاز له أن يستطبه، وإن أمكن أن يستطب مسلما فلا ينبغي أن يعدل عنه، وإذا احتاج إلى استطباب الكتابي فله ذلك 0
وعبارتا ابن الحاج وابن تيمية تفيدان عدم جواز استطباب غير المسلم سواء رجل كان أو امرأة إذا وجد في المسلمين من يمكنه القيام بذلك، ومن ثم فإنه إذا وجد الطبيب أو الطبيبة من المسلمين، ولم يمكنهما القيام بمداواة المرأة المسلمة لعدم تخصصهما في ذلك، أو لوجود من هو أمهر منهما وأعرف بموطن الداء وكيفية مداواته من غير المسلمين، فإنه يجوز استطبابه لمداواة المسلمة ومعالجتها 0
4- أن يأمن الطبيب الافتتان بالمرأة التي يقوم بمداواتها على ماقاله الماوردي الشافعي ومقتضى هذا أنه إن كان يخشى الافتتان بها لم يجز له مداواتها أو معالجتها، ولم يشترط هذا غيره من الفقهاء، بل إن المالكية أباحوا للطبيب أن يعالج المرأة المتجالة (وهي التي ليست مظنة الفتنة لكبرها)، وكذا الشابة التي هي مظنة الفتنة، وذلك لقيام العذر المقتضي للنظر والمسّ ونحوهما، وهو الضرورة إلى معالجتها، إلا أنه لا يجوز في هذه الحال أن يقصد اللذة من النظر أو المس ·
5- أن يكون الطبيب أمينا عند القيام بمداواة المرأة الأجنبية عنه أو معالجتها، فلا يعدل إلى غير الأمين مع وجود الأمين ·
6- أن يكون مع الطبيب والمريضة الأجنبية عنه مانع خلوة، كزوج المريضة أو محرمها من الرجال: كالأب أو الابن، أو الأخ أو نحوهم، إذا كان الموضع مما يمكن الاختلاء بها فيه، بأن كان مغلقا بحيث يأمنان فيه من اطلاع غيرهما عليهما، فإن لم يكن لهذا الموضع باب، أو كان له باب مفتوح، أو غير مغلق، أو كان مغلقا ولكن يمكن للآخرين الاطلاع عليهما من خلاله، أو من النافذة أو من وراء حاجز لا يمنع الرؤية، أو نحو ذلك فلا تتحقق الخلوة المحرَّمة في هذا الموضع·
ولا خلاف بين الفقهاء في أن الخلوة المحرَّمة بينهما تنتفي، بوجود زوج المرأة المريضة أو محرمها من الرجال، لامتناع وقوع المعصية مع وجوده، شرط أن يتوافر في المحرم ومثله الزوج: البلوغ والعقل، لأن المقصود من وجودهما حفظ المرأة، ولا يحصل هذا إلا من البالغ العاقل، ولا يعد وجود الأعمى معهما مانعا للخلوة المحرَّمة عند الشافعية، خلافا للحنفية الذين اعتبرواه مانع خلوة·
وقد اختلف الفقهاء في انتفاء الخلوة المحرَّمة، بين الطبيب والمريضة الأجنبية عنه بوجود امرأة أخرى معهما أو رجل آخر أجنبي عن المرأة، فذهب بعض الحنفية إلى أن الخلوة المحرمة بينهما تنتفي بوجود رجل آخر أجنبي عن المرأة، أو بوجود امرأة من محارم الطبيب، كأمه أو أخته، أو بوجود زوجته أو امرأة ثقة أجنبية عنهما، كالعجوز التي لاتشتهى، إن كانت قادرة على الدفع عن نفسها وعن المريضة إن قصدتا بسوء،والراجح من مذهب الشافعية أن الخلوة المحرَّمة بين الطبيب والمريضة تنتفي بوجود امرأة ثقة أخرى إو أكثر معهما، إذا كان للطبيب فيهن امرأة مميزة من محارمه: كابنته أو أخته، أو لم يكن له فيهن محرم، أو بوجود زوجته معهما وإن لم تكن ثقة، أو بوجود امرأة من محارم المريضة: كأختها أو ابنتها، وإنما تنتفي الخلوة المحرَّمة بوجود أحد من هؤلاء مع الطبيب والمريضة، لضعف التهمة وانتفاء المفسدة حينئذ·
وذهب بعض من الحنفية إلى عدم انتفاء الخلوة المحرَّمة بين الطبيب والمريضة، بوجود رجل أجنبي عن المرأة أو امرأة وإن كانت ثقة معهما، والشهير في مذهب الشافعية عدم انتفاء الخلوة المحرمة بينهما بوجود رجل أو رجال أجانب عن المرأة معهما، إذ يحرم خلوة رجل أو أكثر بالمرأة الأجنبية عنهم، ولو بعدت مواطأتهم على الفاحشة 0
وقال القفال الشاشي من الشافعية: تحرم خلوة رجل بامرأتين أوأكثر، إلا إذا كانت إحداهن من محارمه فيجوز وتنتفي الخلوة به0
ومذهب الحنابلة أن الخلوة المحرمة لا تنتفي بوجود امرأة أو أكثر مع الطبيب والمريضة، ولو كانت فيهن محرم للمرأة أو الطبيب من النساء، أو كانت فيهن زوجته، كما لا تنتفي بوجود رجل أو أكثر أجنبي عن المرأة معهما·
وقد ذهب بعض الحنفية إلى أن للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية عنه، إن كانت عجوزاً غير مشتهاة، وأمن على نفسه وعليها الفتنة عند الخلوة بها0
وذهب بعض المالكية الى جواز خلوة الشيخ الهرم بالمرأة الشابة أو العجوز غير المشتهاة، وجواز خلوة الرجل ولو كان شابا بالمرأة المتجالة، وذلك لانتقاء الشهوة والفتنة عند الاختلاء بين هذين ، فوفقا لما ذهب إليه هؤلاء يكون محل اشتراط هذا الشرط، هو حيث يكون الخوف من ثوران الشهوة، أو خوف الفتنة عند الخلوة بالمريضة، فإذا لم يكن ذلك، بأن كان أحدهما مأمونا أو كلاهما، فلا يشترط وجود مانع الخلوة معهما·
وإنما اشترط وجود مانع الخلوة مع الطبيب والمريضة الأجنبية عنه، لحرمة خلوته بها الثابتة بالسنة الصحيحة والتي منها:
ماروي عن ابن عباس أن رسول الله قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم0
وما روي عن عامر بن ربيعة أن رسول الله قال: لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له، فإن ثالثهما الشيطان، إلا محرم 0
ففيهما نهي عن اختلاء الرجل بامرأة ليست زوجته أو محرماً له، وهو يفيد تحريم ذلك·
7- أن لا يكشف الطبيب من المرأة إلا مقدار الحاجة، ويستر ماعداه من بدنها، ثم ينظر ويمس الموضع الذي يداويه أو يعالجه منها، ويغض بصره عن غيره ما استطاع، ولا يمس غير الموضع المألوم من بدنها، وذلك لأن النظر والمس دعت إليهما الضرورة فأبيحا لذلك، وما جاز للضرورة فإنه يتقدر بقدرها، فما لا تدعو الضرورة إلى نظره أو مسِّه منها فهو باق على أصل الحرمة ·
8-أن يكون الطبيب ومعاونوه مأذونا لهم بمزاولة المهنة ، اي يحصل على ترخيص من الجهة ذات العلاقة وزارة الصحة ، قال المالكية ” أو بلا إذن معتبر , ولو أذن عبد بفصد , أو حجامة , أو ختان . ( ش ) متعلق بمقدر معطوف على ما مر أي : أو داوى بلا إذن معتبر كأن داوى صبيا , أو مجنونا بإذنهما فإنه يضمن موجب فعله , وكذلك لو فصد عبدا , أو حجمه , أو ختنه معتمدا على إذنه فإنه يضمن ; لأن إذنه غير معتبر شرعا” “شرح الخرشي على مختصر خليل “
9-الإذن الصحيح المعتد به من المريض وهو متفق عليه عند الفقهاء
ومن من قرارات مجلس الفقه الإسلامي : «الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة يجب أن تقوم بالكشف على المريضة، وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم، على أن يطلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته وألا يزيد عن ذلك، وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج أو أمرأة ثقة خشية الخلوة.
يوصي المجمع أن تولي السلطات الصحية جل جهدها لتشجيع النساء على الانخراط في مجال العلوم الطبية والتخصص في كل فروعها وخاصة أمراض النساء والتوليد، نظراً لندرة النساء في هذه التخصصات الطبية، حتى لا تضطر إلى قاعدة الاستثناء».
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على امام المرسلين واله وصحبه أجمعين .
[1] قال ابن تيمية: «فإن الناس قد تنازعوا في التداوي: هل هو مباح أو مستحب أو واجب؛ والتحقيق أن منه ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، وقد يكون منه ما هو واجب وهو: ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة، فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء»0 وقد أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأن العلاج الطبي جاء فيه: «الأصل في حكم التداوي أنه مشروع، لما ورد في شأنه في القرآن الكريم والسنة القولية والعملية، ولما فيه من حفظ النفس الذي هو أحد المقاصد الكلية من التشريع، وتختلف أحكام التداوي باختلاف الأحوال والأشخاص:
– فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد أعضائه أو عجزه أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره، كالأمراض المعدية.
– ويكون مندوباً إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن ولا يترتب عليه ما سبق في الحالة الأولى.
– ويكون مباحاً إذا لم يندرج تحت الحالتين السابقتين.
– ويكون مكروهاً إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة المراد إزالتها».